Friday, March 24, 2017

#الدرس الاول في الطريق إلى الجيل الخامس في الاتصالات

#الدرس الاول في الطريق إلى الجيل الخامس في الاتصالات

مقدّمة: هذه هي أوّل مقالة ضمن سلسلة مقالات سنقوم بنشرها خلال الأسابيع القادمة، تهدف إلى شرح مواضيع عديدة تتناول تقنيّات الاتّصالات بأسلوب سلس يُمكن إيصاله بسهولة إلى القارىء.

لا بد أنه لديك فكرة عامّة عن ما هو الجيل الثالث أو الرابع، لكن ما الذي يعنيه هذا فعلًا؟ ماذا تعني بعض المُصطلحات التي تقرأها أحيانًا مثل HSPA و +HSPA. ما هو LTE وما هو LTE Advanced ومتى سننتقل من الجيل الرابع إلى الخامس؟
وما هي أبرز التطبيقات القادمة في عالم الاتصالات والتي ستُصبح متوفّرة لنا مع توفّر الجيل الخامس؟

سلسلة المقالات هذه تحاول الإجابة على كل هذه الأسئلة وأكثر من وجهة نظر تقنية نوعًا ما لكنها مُبسّطة قدر الإمكان. وسنبدأ بالحديث عن الجيل الخامس G5 وتسلسل طريق الوصول إليه بشكل مُختصر، ثم سنعود للحديث بتفصيلٍ أكبر عن كل مُصطلح أو كل تقنية من تقنيات الاتصالات التي سيمر بها هذا المقال.

لم يعد علم الاتصالات مقتصراً فقط على المختصّين به، بل أصبح من الضروري لجميع التقنيين والمهتمين بآخر المستجدّات في المجالات التقنية المختلفة معرفة الخطوط العريضة لهذا العلم والاطلاع على آخر آخباره وإنجازاته، وذلك نتيجة التقارب المستمر بين التقنيات الرقمية وتطبيقاتها العملية، ونتيجة التوظيف المباشر لها في مختلف قطاعات العمل، فمبرمج التطبيقات بحاجة ليعرف الخدمات التي ستقدمها الشبكة في الأعوام القادمة، وكذلك مدير النظم والشبكات، وخبير التسويق، والمصرفي، وحتى المستخدم العادي الذي يخطط لشراء هاتف في العام القادم، جميعهم بحاجة أن يعرفوا إلى أين تتجه الاتصالات وتقنياتها وأسواقها.

لهذا ستسير مجموعة المقالات هذه في خطين: الأول يتحدث عن مبادئ علم الاتصالات الخليوية ويستعرض أهم المفاهيم والأفكار الأساسية في ذلك، والثاني يتحدث عن أجيال أنظمة الهاتف الخليوي على أرض الواقع وآخر المستجدات المتعلقة بها.
مع بدء تطبيق الجيل الرابع للاتصالات LTE منذ العام 2011 بدأت أنظار الباحثين ترنو إلى الجيل الخامس، وبالطبع بدأت الاسئلة بالظهور كما هي العادة مع بدء تصميم جيل الاتصالات التالي. ما هي توصيات ومتطلبات requirements الجيل الخامس التي من المفترض أن يحقّقها؟ ما هي السرعات والخدمات التي يستطيع تقديمها؟ ما هي التقنيات المرشّح استخدامها في الجيل القادم لتصبح المتطلبات والخدمات المفترضة محققة على أرض الواقع؟ وأخيراً: متى؟

تشير التوقّعات والخطط الحالية لمراكز الأبحاث التقنية والهيئات المشاركة في تصميم الجيل الخامس وأبرزها NGMN أن الجيل الخامس سيرى النور حوالي العام 2020 يلي ذلك التحسينات العملية على النظام بعد تطبيقه تجاريا إلّا أن ذلك قد يتغيّر لأسباب سنسوقها ضمن هذا المقال.
ماذا قبل؟
من الضروري لنفهم الوضع المستقبلي لصناعة لاتصالات أن نفهم السوق الحالية والسابقة وكيف أصبحت هذه الصناعة من أهم العوامل المؤثرة بالبحث العلمي والاقتصاد -وحتى السياسة- إلى جانب مصادر الطاقة والموارد الطبيعية الأخرى.
لهذا وقبل الاستفاضة في الجيل الخامس المفترض، نستعرض لمحة عن الأجيال السابقة له:

الجيل الأول:
بدأ الاستخدام التجاري لهذا الجيل من الأنظمة في أوائل ثمانينات القرن الماضي لتخديم المكالمات الصوتية حيث كانت الهواتف تماثلية Analogue، وبالتالي كانت فعالية استخدام الطيف الترددي منخفضة جدا بسبب ذلك. انتشر من هذا الجيل عدة أنظمة كـ NMT في الدول الاسكندافية وسويسرا وهولندا، وروسيا وأوروبا الشرقية، ونظام في أمريكا الشمالية، و في بريطانيا وألمانيا الغربية، وغيرها .

الجيل الثاني:
هو التعبير الأشهر والأكثر انتشاراً في أوائل التسعينات حيث استخدمت أنظمة هذا الجيل التقنيات الرقمية مما جعل فعالية استخدام الطيف الترددي ترتفع بشكل كبير. ما يميّز هذا الجيل أنّه برز من أنظمته نظامين كلّ منها كان موحّد المعايير Standards عبر البلدان، ولكن اختلفت تقنياتهما الأساسية:
نظام GSM: انتشر في كافة أنحاء العالم واعتمد مبدأ تقسيم الزمن في النفاذ المتعدد لخدمة المستخدمين TDMA Time Division Multiple Access ومبدأ النفاذ المتعدد بتقسيم التردد FDMA Frequency Division Multiple Access. انقسم هذا النظام إلى نوعين بحسب التردد المستخدم 900/1800 MHz في أوروبا وأفريقا وآسيا واستراليا، و 850/1900 MHz في بعض دول أمريكا الشمالية والجنوبية.
نظام IS-95: انتشر في أمريكا الشمالية واستراليا والهند رغم وجود نظام GSM في بعضها. اعتمد مبدأ النفاذ المتعدد بتقسيم الرمز Code Division Multiple Access CDMA أي تمّ لكلّ مستخدم إعطاء رمز فريد ليستخلص من الاشارة المستقبلة الجزء الخاص به دوناً عن باقي المستخدمين. أطلق عليه أيضاً CDMAOne كونه أول نظام استخدم مبدأ تقسيم الرمز.
إضافة للنظامين السابقين كان هناك أنظمة محدودة أخرى كـ DAMPS في بعض مناطق أمريكا وPHS في اليابان.
ورغم تعدّد الأنظمة كان لمعظم أنظمة الجيل الثاني خصائص مشتركة أساسية وهي:

اعتماد مبدأ الخلايا Cells في تصميم الشبكة مما جعل الاسم الأبرز من وجهة نظر المستخدم هو النظام الخليوي Cellular System حيث يمكن باستخدام هذا المبدأ إعادة استخدام الموارد Resource في الخلايا (الموارد أي الزمن أو التردد أو الرمز) لزيادة سعة الشبكة وتخديمها لعدد اكبر من المستخدمين.
تحقيق مسار صاعد وهابط لتمكين المستخدم من الإرسال والاستقبال بشكل آليّ، ذلك يكون باستخدام تردد مختلف لكلّ مسار مثلاً.
إمكانية التجوال Roaming في النظام نفسه عبر البلدان المختلفة.

أتاحت التقنيات الرقمية تطبيق خوارزميات الترميز الرقمي للصوت واستخدام عمليات التشفير للأمان والخصوصية.
تم تطوير نظام GSM 2G إلى 2.5G حيث تمّ تقديم خدمة نقل البيانات والوصول للانترنت GPRS وتحسينها في الجيل 2.75G مع تقديم تقنية EDGE حيث ازدادت السرعة من 13kbps إلى 50kbps ثم أخيراً إلى 1Mbps نظرياً (حيث تعتبر جميع هذه الأرقام في الحالة المثلى وتنخفض عملياً بنسبة ملحوظة).

بعض البلدان أعلنت نيّتها توقيف شبكة الجيل الثاني كليّاً في موعد قريب، كأستراليا والولايات المتحدة في 2016، وسنغافورة في 2017، في حين أعلنت سويسرا أنّ موعد إيقافه هو مطلع العقد القادم.

الجيل الثالث:
أدّى النجاح الكبير لأنظمة الجيل الثاني إلى الرغبة في تصميم نظام عالمي موحد للاتصالات بدلاً من مجموعة الانظمة المختلفة في الجيل الثاني، لذلك تم تشكيل هيئة في أوروبا باسم 3GPP كانت نتيجتها نظام UMTS الأشهر والأكثر انتشاراً حالياً، إضافة لهيئة أخرى في أمريكا 3GPP2 أنتجت نظام CDMA2000 إلا أنّ الأخير لم يلق نجاحاً كون الجيل الرابع اللاحق قد انطلق بشكل أساسي في تطويره وتنفيذه على نظام UMTS بعد أن ضغطت الهيئات الأوروبية والآسيوية باتجاه ذلك.

في نظام UMTS تمّ دمج التقنيات الأهمّ لمجموعة أنظمة الجيل الثاني واعتمد تقسيم الرمزعريض الحزمة WCDMA Wideband كتقنية أساسية للنفاذ المتعدد مع توسعتها بتقسيم التردد والزمن لزيادة سعة الشبكة.

أدّى تطوير الجيل الثالث 3G في عدة إصدارات 5-6-7 إلى تقديم تقنية HSPA و +HSPA اللتين تقدمان سرعات أعلى وتم استخدام الاسمين 3.5G و 3.75G للتسويق لهذه التحسينات لتزداد السرعة من 2Mbps إلى 14Mbps وصولاً إلى 56Mbps نظرياً.

الجيل الرابع:
استمرّ العمل بغية تطوير نظام موحّد بشكل كلّي قادر على تحقيق سرعات أعلى وتوفير خدمات أكثر تقدّماً، فأوصت3GPP في العام 2008 بمتطلبات الإصدار الثامن Release8 من أنظمة الهاتف المحمول وباعتماد تقنية ثورية جديدة وهي OFDM Orthogonal Frequency-Division Multiplexing أي النفاذ بتقسيم الحوامل الترددية المتعامدة.

سمّي هذا النظام بـ LTE Long Term Evolution أي التطوّر طويل الأمد للدلالة على أنّ تطوير الجيل الرابع سيستمرّ طويلاً لتحقيق سرعات تبدأ من 300Mbps مروراً بـ 1Gbps في الإصدار العاشرة Release10 والذي سمّي LTE Advanced وصولاً إلى 3.3Gbps في التوصيات المبدأية التي أصدرتها 3GPP حديثاً في أيلول 2015 ضمن الإصدار الثالث عشر Release13، والذي من المفترض أن تكتمل تحسيناته من الناحية النظرية خلال النصف الأول من هذا العام.
ماذا بعد؟

من المتوقّع أن نرى LTE Advanced Releas 13 تجارياً خلال العام القادم إلّا أن التقدم المتسارع للبحث العلمي المحكوم بقانون مور الأسّي لا يعطي مزوّدات الخدمة الوقت الكافي لدراسة وتجريب وتخطيط وتنفيذ كافة الإصدارات الجديدة ومن ثمّ دخول السوق لتحصيل الربح المرجوّ منها خلال سنوات التشغيل. يظهر ذلك بشكل أوضح الآن في بعض الدول النامية حيث يحاول مشغّلو الاتصالات القفز من إصدارهم القديم إلى إصدار مستقبلي ما مباشرةً، لتفادي كلفة شراء وتنفيذ أيّ إصدارات أخرى بينهما، طالما أنّ المستخدم قد يبقى قانعاً بشكل جزئي بالخدمات الحالية خلال الأعوام القادمة.

يترافق ذلك مع إطلاق أسماء تسويقة توحي باستخدام تقنيات جديدة للجيل الرابع لجذب المستخدم كما في تركيا ومصر ودول أخرى، وقد يتمّ تنفيذه بشكل محدود في بعض المناطق الرئيسة داخل العواصم والمراكز التجارية بانتظار تحقيق خطط الجيل الخامس في 2020.

التسارع التقني المذكور قد يضع الجيل الخامس في أيدينا قبل مطلع العقد القادم، إلا أنّه يبقى هناك سيناريو محتمل آخر وهو تأخّر -أو تأخير- الجيل الخامس عن موعد ظهوره في 2020 لعامين أو ثلاثة إضافية في حال نجح المستثمرون في الدول التي طبّقت LTE -وهي الأغلبية- بتأجيله بغية تحقيق الأرباح المرجوّة من الجيل الرابع بكافة إصداراته، ممّا سيدفع باقي الدول للإسراع في تنفيذ الجيل الرابع عوضاً عن الانتظار، ذلك الأمر الذي سيحسم خلال الأشهر القليلة القادمة.
أنس معراوي: أندرويد

No comments:

Post a Comment